المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2020

مشهد : الهروب من الذكريات .

فتح خزانته لأول مرة بعد غياب دام لأشهر طوال ، فتدفقت في رأسه ينابيع من الذكريات التي استيقظت من غيبوبة الوحدة ، تغيرت أمور شتى بداخله و لكن تلك المشاعر التي تنطلق مع كل غرض في تلك الخزانة قد بقيت على حالها . الخزانة التي احتفظت بهيئتها الدائمة حتى بعد فراق مكث طويلاً ، ها هي تحيي مواطن في قلبه من جديد .. وقعت عينيه أولاً على ذلك الصندوق الصغير الذي خبأ بداخله ما تبقى من طفولته ، صور و لوحات مزينة بألوان البراءة ، هذا الصندوق الذي كان رفيقه في جميع لحظات إستراحاته الصغرى . صرف نظره ليرى ذلك القميص الذي يعلو قائمة قمصانه و الذي جاءه كهدية من والدته في ميلاده السابع عشر .. ما زال يحتفظ به ! و زجاجة القهوة المستقرة في الرف العلوي  أخذها ليشتم رائحة عشيقاته الخمسة و السبعون بعد المائة ، كما أحصاها بكل حب في آخر مرة كان فيها هنا ، حبيبات بُنٍّ تفوح بأرقى نفحات العتاقة التي ترتخي معها كل الحواس . ثم ماذا ؟ تراجع خطوة للوراء و بدأ يتساءل .. كيف لغياب استمر لشهور تقترب من مرتبة عام كامل أن يمحو أهم فصول حياتي و شخوصها ، و يذكرني بكل ما يخص محتويات صندوق خشبي بطول رجُل ؟  و جاءه ...

الفايروس الأخلاقي يجتاح العالم

صورة
هل سنتغلب على الفايروس الصغير "كورونا" قريباً ؟ الكائن الضئيل الذي تصدّر العناوين الأولى لنشرات هذا العام المليء بالمفاجآت ، و الذي أخلى أكثر شوارع العالم ازدحاماً ، فايروس كورونا المستجد الذي قلب كل الموازين و أعاد تهيئة الحياة بما يتوافق مع وجوده ، سكنت له الملايين من البشر بعد أن كانت الحركة لا تفارق حياتهم ، ننظر حولنا ، و إذ بالشوارع خاوية .. أسواق بلا مشترين و حدائق بلا زوار و ملاعب بلا جماهير ، و مدن قد فقدت بريقها و وجوه هجرتها البهجة و كأن الدنيا أظلمت . هذه لمحة مختصرة لما يتبادر إلى ذهن كل شخص عند سماعه للفظ "كورونا" الذي أصبح في مستهل كل حديث عابر . أما ما لمسه  آخرون أكثر عمقاً في بناء الأفكار ، هي تلك القيم الأخلاقية التي تم إحياؤها من جديد و التي تعد من حاجات الأمم الضرورية لإقامة الحضارة .. هي قيم نعرفها جيداً ، نشأنا نرددها على مقاعد الدراسة ، ثم أفناها التجاهل عندما بقيت حبيسة الحقيبة ، و في ظل هذه الظروف الإستثنائية نعود إليها لتعاود الظهور فينا ، فنلمس جانباً مشرقاً في هذه الأزمة لم نلحظه إلا عندما ابتعدنا عن بعضنا فازدادت أرواحنا قرباً ...

ابتسامة جوفاء صغيرة

صورة
UNICEF/Syria/2018/Watad لماذا لا يستثنى الأطفال من مآسي هذا العالم ، لماذا تحمل ظهورهم اللينة أحمالاً كالجبال ، لماذا تجبر قلوبهم على تجرع ويلات الألم ، و لماذا يكبرون على حين غفلة بلا اختيار منهم ، يكبرون بسرعة اختراق الرصاصة لجسد انتهى عمره في هذه الحياة مبكراً . يجوعون ، يتألمون ، يمرضون ، يفارقون أحباءهم ، يفارق النوم أعينهم الضئيلة ، إنهم يموتون يا سادة هذا العالم ! اخبروهم ان استطعتم ان الشجر لا يثمر أموالاً و ان العائلة لا تباع في الاسواق كالحلوى ، و أن المتعة ليست مجانية ، و أن الألم ليس حصراً على الكبار ، و أن الكبار هم أكثر من يخطئون ، و أنهم من سيدفعون الثمن في كل مرة . لطفاً .. أخفواْ دموعكم عن نظرهم عندما ترونهم ، حتى لا تيقظواْ أحزاناً اختلطت بدمائهم ، ابتسمواْ ابتسامة كاذبة في وجوههم و أخبروهم أن كل شيء بخير . أخبرو اليتيم أن أمه تنتظره في حدائق غناء في السماء .  أخبرو الفقير أنه سيغنى عندما يبلغ العشرين من عمره . أخبرو اللاجئ منهم أن اللعبة أوشكت على الانتهاء و أن الوطن سيبتسم منتصراً من جديد .  و أنت أيها التاجر الصغير .. ستصادفك ضربة حظ ف...

لأنني إنسان

 نتأثر كثيراً بما يحدث حولنا ، حتى و ان لم نكن جزءاً من الحدث ، و لكن رؤيتنا له تكفي لإحداث الفارق بداخلنا ، حينها تحارب ارادتنا لإبعادنا عن الأحداث التي تقع خارج نطاقنا ، فتفشل في تحقيق ذلك ، فتسقط دمعة ، أو ترتسم ابتسامة ، لأننا كذلك نمتلك قلوباً سخية في مشاعرها ، تشعر و تخاطب قلوباً أخرى ، و لا تكتفي بحدود متنفسها .