المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, 2020

ابراهيم عليه السلام

 في قصة خليل الله إبراهيم تتجلى بوضوح معالم إنسان أجهَد فكره حتى عرف ربه ، بحث عن الإجابة التي ينشدها بإصرار حتى نالها ، حاول مرة و لم تكن شافية ثم عاود الكرّة مرة تلو مرة ، حتى توصل للنتيجة و نشوة الوصول اليها ، قَبِل قدره و حمل رسالة ربه على تلك الأرض و بين قومه ، رُفِض من الجميع و لم يجزع فقد كفاه ربه ، عظّم الله في قلبه فتخلىٰ عن كل البشر حتى ذلك الكهل الذي أفنى عمره أباً له .. من أجل إعلاء اسم الواحد الأحد ، و بعناية الخالق بردت النار من حوله برودة أُثلِج بها صدره و أُخزِي بها كل معادٍ عادٍ . سافر الخليل و ارتحل ليجوب الأنحاء حاملاً راية التوحيد الأولى ، و برفقته من خالفت عُرف موطنها و آمنت بربها و آمنت بنبوته و لوطاً صديقاً قبل أن يبعث نبياً .. جابه ملوكاً و زعماء فما استكانت قوته و ما ارتخت غايته ، و حينما تقدم به الزمان و سرق شيئاً من عمره أهداه الله "اسماعيل" ليخرج من نسله أشرف خلق الله من بعده ، و في الأرض الميتة تفجرت من تحتهم السقيا حتى ارتوى صغيرهم ، و ببرهان عظيم في حياة أربعة من الطير اطمأن قلب نبينا . هو العبد الذي أحَبّ ربه فكان له في كل حين ولياً و نصيراً .....

كوب من القهوة .

صورة
لا شيء أجمل من مواساة كوب قهوة .. عزيزتي السمراء التي لا مثيل لرقتها في الوجود ، صديقتي التي في دورانها اتزان ، و في جوفها يكمن مصل السعادة ، و في سوادها ضياء ينير فيّ أركان شتى .. ينقلني سحرها إلى ألف مكان و مكان .. إلى جنان خضر لا تغرب الشمس فيها و بأشجار الكرز تزدان .. فيها استراحة الروح المنهكة من تعاقب الأحداث أو دوامة الفراغ القاتل . لطالما كانت هي صديقة الشعوب و رفيقة صباحهم .. في كل رواية من روايات الزمان تكون حاضرة و لو من خلف الستار .. هي رسالة الصداقة الأقرب وداً و أصل الضيافة عند أهل الكرم ، أحياناً تكون بمثابة خريطة لمستقبل إحداهن ، و لآخرين هي دواء شافٍ لصداعٍ استوطن رؤوسهم بلا رحمة . هي ثقافة يتشاركها أبناء المجتمع الواحد ، و نقطة التقاء مجتمعات أخرى .. هي الدفء عندما يلسع الزمهرير جلوداً رقيقة ، و هي الفن في أبهى صوره و التقاليد المحفوظة في هوية كل سكان العالم . هي علاقة قوية تأسست مع بني البشر فكانت سيدة أوقاتهم الفاتنة . امنحني كوب قهوة كهدية و انسَ الباقي !

هل نستطيع العيش بلا حب ؟

صورة
  حتماً ستكون إجابتي هي : لا ! لا نستطيع العيش بلا حب يحركنا لأن الحب هو كل أسباب الحياة ، نعيش به و من أجله فقط ، و لاينتزع الحب من قلب أحدهم حتى تنتزع روحه بأكملها . و إن حجزت الكراهية مكانها في القلب سرعان ما ستبدأ بتدميره رويدا رويدا، حتى تفقد الأشياء روعتها ، و تفقد الأيام ما كان بها من ألوان تزينها و تفقد أنت كل شيء و تنتهي . و أنت .. يا من تظن أنه الإمكان تأسيس حياة بالكراهية و العِداء المستمرّ ، انتبه ! سيأكل منك حقدك كل يوم مقدار مضغة حتى يفنى عمرك بالتمام . أما ما بعد الفناء .. فستُسأل و ستسأل كثيراً ، عن عمرك فيما أفنيته و عن جسدك فيما أبليته .. ستسأل عن روحك كم كبّدتها عناءاً ، و أرواح أخرى تأذت بفسادك ، و قلوب وقع مقتلها على لسانك ، و ستسأل أكثر و بلا محاولة و مراوغة منك ستأتي كل تفاصيلك أصغرها و أكبرها حتى تلك التي غفلت عنها ستكون حاضرة ، و ستشهد جميعها عليك .. ستواجهك ، و سيكون ذلك هو الخسران العظيم من بعد حياة مرصعة بالخسائر الكبرى . تفاصيل صغيرة كفيلة بإحداث الفرق المنشود - لتعيش أحب ما حولك ، اكتشف ذاتك و أحب نفسك و تفاصيل شخصيتك كي تستطيع إدراج محبة الآخرين في قل...

أجسام نحيلة

صورة
مأساة الجوع في عالمنا أجسام نحيلة .. عظام تكاد تخترق جلداً يغطيها .. قلوب تعطّل الإحساس فيها مما جابهت ، و عقول أنهكها كل ما حولها .. بل أرواح ميتة محدودة الحركة رأيتها يوماً على شاشةٍ فتمزق كل ما بداخلي ألماً .. و ما أحال قلبي إلى فتات ، هو عجزي عن إحداث فرق بارز من أجلهم . تعلقت صورهم  بجدران عقلي و لم تفارقه حتى سكبت ماء عيني الحارق .. وسط زحام من النعم يعاني قلبي مما رأى ، فهل من دواء ؟ على تلك الشاشة رأيت أناساً مشتتين وسط صراع دامٍ .. لم يشأ أيّ منهم الإنخراط فيه و لكنهم أُجبِرواْ على تجرع ويلاته لاحقاً . رأيت خسارة تلو خسارة ، و لم أرَ فوزاً يوماً سوى هزيمة أكبر تتوشح بوهم النصر .. و ما هو النصر؟  أن لا تموت في أرض المعركة ؟ أو أن تسلب حياة عدوك ؟ أو لا شيء من هذا و ذاك .. لا شيء سوى جوع و فقدان و فقر و خوف . خوفٌ يغزو أرواحاً لم ترتكب ذنباً فارتُكِبت بحقها كل الذنوب . عذراً يا يمن فخبزنا لا يكفي لملء أفواه جياعكم ، عذراً يا صومال فماؤنا ما عاد يروينا .. عذراً سوريا ، فلسطين ، السودان .. و هل تنتهي الأعذار ؟

مشهد : وداع حار

سقطت .. و سقطت معها آمالها و أحلامها ، محت مستقبلها بعد أن ضاقت بها الحياة و فصولها و استعسر عليها البقاء بنَفَس لم يتوقف عنوة قط ، وسط ذهول و صيحات كل من رآها . عندما تهاوت ظنّت بأن كل شيء تهاوى معها و سقط .. ظنت بأنها بسقوطها قد أنهت جلّ معاناتها و محت مخاوفها من الوجود ، و أوقفت سير تلك الدوامة التي كانت هي حبيستها منذ الأزل . رخيصة و غالية في آنٍ واحد كالماء هي حياتها التي تحدتها بكامل إرادتها ، و أحضرت الموت من أذنيه ملبياً نداءها .. هي لا تراه فشلاً على مواجهة الحياة بل هو انتصار عليها .. ليس جبناً بل شجاعة .. إنه حاجة . هاهي تنزف الذكريات ، أما من حنين يمنعها ؟ ، أما من خطوة للوراء تعيد كل شيء كما كان . .... تداخل الأصوات في رأسها ، رداءة رؤيتها ، ثم انقطاع تواصلها مع هذا العالم .. كانت تلك اللحظات الأولى التي عاشتها بعد سقطتها ثم انتقلت بعدها إلى عالم اللاوعي ، عالم مجهول مكثت فيه طوال أشهر أسموه الأطباء "غيبوبة" و كانت تظن أنه الموت يستعد ليأخذها .. لكنه لم يكن كذلك ! بضع و تسعون يوماً قضتها على الفراش الأبيض ، ثم استفاقت بعدها لتعود إلى دنيا الأحياء و البشر ...