فضفضة : مرحبا بك في دنيانا !
في لحظة خانقة من الزمان .. أود فيها أن أهرب بعيداً .. إلى الجبال ربما أو السماوات .. إلى أبعد نقطة ممكنة ، لأتحرر من كل شيء . و في لحظة أتملص فيها من كل مسؤولياتي المضطربة و من كل عذر يقوّض حريتي ، لأعتنق التنفس من جديد ، لأكون أنا ، و أكون أنا كل شيء ، لأهذي و أكتب و أدندن ، أو لأمارس الصمت بلا هوادة ، لأختلي بروحي اليتيمة و أعطيها الأبوة و الأمومة ، لتجمعني المؤاخاة مع أوراق الشجر ، مع قطرات المطر ، مع ذرات الرمل ، و لأحلق مع السحاب بعيداً عن أي مما يخص البشر . أما في واقعي ، فينتشلني الخيال في كل مرة تكاد تغرقني الحوادث ، يساعدني على التعافي شيئاً فشيئاً ، يسافر بي إلى أرض الوطن و الجنان العلى ، يجمعني بمن أحب ، و يقحمني في رواية أكون أحد شخوصها أو جلّهم ، لأجسد ملحمة أخرى تختلف عن تلك التي أزاولها على أرض الواقع . يراودني تساؤل عميق .. لماذا نتوق للوصول إلى الحقيقة و التنقيب عنها في حين ، و نودّ الهروب منها و التخلص من أغلالها في حين آخر ؟ حقاً لماذا ؟ لماذا نعيش حياتان و نضيع بينهما ؟ لماذا نستدعي الماضي و نسمح له باستدعائنا في كثير من الأوقات ، حتى ندرك عنوة أننا نهدر حاضرنا...