المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, 2021

إنسانٌ و الطبيعة

صورة
  تبدأ قصة الإنسان مع الطبيعة منذ اللحظة الأولى له على هذه الحياة .. يتعلق بمكوناتها تدريجياً مع تطور مراحل عمره .. ترتبط بها أحداث و قصص حياته ..مع تعامد القمر مع مجلسه تتوهج روحه .. مع ابتسامة الفجر يبتدأ أحاديثه .. مع نشيد الطير و تمايل شجيرات الصبا طرباً تضحك له نسائم الأصيل فيحييها .. و يداعب الندى جفونه برقة .. تتصاعد أمنياته مع أنفاسه فتستبشر السماء بها و تمنحها عناقاً دافئاً .. و يسدل الغروب رداءه مترفعاً في وسامة طاغية فتشيح بوجهها أمواج البحر في خجلٍ ، و يتابع هو كل تلك المشاهد بلذة و يحلم بها عندما يغلق عينيه . في زاويتي تكمن استراحة جانبية حيث أقضي واقعي بالحلم .. و أكون واقعية للغاية في حلمي ، حيث يكمن مزيج متناهي المثالية بين القوى و الأحاسيس ، حيث أساهم في إنشاء سعادتي الخاصة بمخاطبة الأمواج و الغناء مع النسيم و التلصص لمراقبة الشمس التي تزداد جمالاً كلما توارت خجلة بحجابها المخملي .. هنا حيث ينفى البشر تماماً و تبقى الطبيعة هي سيدة المكان و الزمان و الكائنات .. حينها فقط تصبح كل المشاهد حولي هي حياتي و عناصر الطبيعة عائلتي .. و يصبح هذا العالم بأسره ملك لي . حينها ت...

في السماء أجد ذاتي

صورة
 تربطني بالسماء علاقة وجودية ، فكلما ابتدأت يومي عمدت إلى نافذتي لألقي عليها نظرة تمنحني طاقة ليوم ابتدأ للتو ، و كلما تأملتها وجدت فيها سكون العالم و طمأنينته ، طاقته و حيويته ، حتى غضبه و انفعالاته ، بين غروب و شروق تختزل قصة يومي ، ليل و نهار يمثلون فصول شخصيتي ، أختصر قصتي بسماءٍ شديدة الإختلاف عن الإنسان ، لكن بمجرد التأمل فيها أجد ذاتي ، أراها شبيهة بإنسان متزن يمضي في هذا الحياة ، ما يميزها هو استمرارها في نظامها بتوازن و صمود مطلق ، من بديع صنع الخالق ، هو بديع السماوات و الأرض .  سماء واحدة سحرت عيني و حتى عقلي فكيف بسبعٍ أخر أتقن إرساءهن ؟ إن أردت شيئاً من سحر الكون ، ارفع نظرك و تأملها .. و إن احتجت بعضاً من المواساة فلا تزيح نظرك عنها .. هي مزيج من كل شيء ، هي الهام الكاتب و مواساة الحزين و راحة المجهد و نشوة المتأمل و فلسفة المتعلم ، هي نعمة الله المحمودة إذا أمطرت ، و عقابه إذا سخط ، هي رحيق الإيمان و الطريق إليه ، هي من يجد فيها المرء طمأنينته و يشارك معها أسرار قلبه . العلاقة بين الإنسان و السماء علاقة وجودية مستمرة لا يمكن التغاضي عنها أو تجاهلها ، فتلك السماء...

غريق أشفق عليه البحر !

صورة
عندما قرر أن يلقي بنفسه إلى الأمواج .. كان يعلم بأنه سيخوض صراعاً فتّاكاً مع أمواج من صنف آخر .. سيكون صراع القدر و المصير ، و هو الجهاد من أجل نصف حياة .. ذهب محمّلاً بمتاعٍ كثيف من خيبات الأمل .. رحل واضعاً الموت نصب عينيه .. لا يرى سواه على متن قاربه المتهالك . تتكالب عليه أمواج و أفواج تحمل ظلمة العالم بأسره في جوفها .. تتدافعه الرياح العاتية فيتمايل باضطراب .. يلكمه الزمهرير كلما غفى أو تغافل .. تتقاذفه الحدود و المسافات .. لتلقي به إلى بر الحياة أو بر العدم .. يحتسي ليالٍ من السُّهد البائس .. فتطوقه كوابيس يَقِظة و تمطر السماء عليهِ حمماً لاذعةً . و عندما وصل .. استقبلته أعين جارحة و أفئدة أشدّ إيلاماً مما خُيِّل إليه قبل الوصول .. لطالما تجاهل كونه كائن غير مرحّب فيه في أي وجهة يطؤها و أي بقعة تستقبله .. لأنه كائن سيظلّ الإرتحال مصيره و يومه و غده .. لأنه إنسان هجر وطنه ، فكيف يكون له للإتصال سبيلاً ؟  و يمضي و يستمر بالمضيّ في رحلته اللانهائية حتى يصل إلى وجهة اللاعودة ، فيمحو بذلك كل إحصاء فقير ليحلّ محله صفراً مطلقاً . و كيف يكتسب الشخص قيمته في هذه الحياة ؟ إن كان قد أُق...

نصف إلتفاتة وخبزة

  نصف إلتفاتة .. في عمر الطفولة كانت كفيلة بحفر ذكرى بقيت معي عمراً .. تتردد على عقلي و تحاصر مخيلتي بين الفينة و الأخرى .. ظلّ وقعها يلازمني حتى هذه اللحظة التي أصافح فيها أزرار لوحة المفاتيح مفصحة عمّا أذكره عن ذلك الموقف . رداء بني أو بالأحرى أبيض .. بل كان أبيضاً و لكنه مشبَع بالأتربة الأرضية ، و كأن صاحبها قد خرج من قبره و أتى أمام عينيّ ، كنت أحمل كيس خبز منصرفة لألحق بالغداء و كان هو يحمل قطعة نقدية واحدة تكفيه لخبزة واحدة ربما قد يقضي يومه عليها ، ليس أهم من هيئته تلك سوى ملامح وجهه ، تلك الإبتسامة الصغيرة التي كانت ملتصقة بوجهه و النظرة التي تخفي ورائها أسطرٌ و جملٌ و حكايات ، كانت ثوانٍ و لكنها استمرت تطاردني حتى وصولي ، كانت تتكرر كجهاز قديم أُتلِف شريطه . كان الأمر غريباً لطفلة اعتادت النسيان باللهو .. طفلة تمسح دموعها فتبدأ بإطلاق ضحكاتها بعد فترة وجيزة .. كيف لمخيلتي العاملة الصغيرة أن تغفل سبيل النسيان .. و كيف لها أن تستمرّ بإعادة ذلك المشهد في ذهن تلك الطفلة التي أصبحت الآن فتاة في عمر الشباب ؟ لماذا لا يختفي ذلك الطفل من رأسها ؟ لماذا يقيم خلف عينيها ؟ لماذا تكبر ...

أمعاء خاوية !

صورة
  شاهدته لأول مرة ، فانقبض صدري ، كان منظراً مفاجئاً لدرجة اختلطت بها التفسيرات بالتساؤلات في عقلي .. كنت أحاول أن أميّز ما تراه عينيّ .. أهو جسد ملقىً بلا روح .. أم نصف روح محشوة بداخل جسدٍ مهترئ .. أم روح مرئية فقط ، أم لا شيء من هذا و ذاك ؟  ثم تساءلت كثيراً .. هل يعقل ؟ هل يفعل إنسانٌ بنفسه هكذا ؟ و في سبيل ماذا ؟ ما هو ذلك الدافع الذي يحرك إنساناً ليلقي بنفسه في وديان سحيقة من التهلكة ، أن يضحي بذلك الجسد المتكامل الصحيح الذي وُهِب له من الخالق المنان ، أن يعطّل ذلك النظام الساري بجسمه من أكبر أعضاءه حتى أبسط خلاياه ! كان الأمر صادماً و باعثاً بالعديد من الأسئلة الروحية العميقة ، أَهي الحرية ، من تدفعنا إلى كل ذلك ، من تحرّك كل شعور فينا إلى ذروته ، و توجه كل تفكيرنا نحو آفاق المجهول ؟ هل تتحمل الحرية كل تلك الآثام ؟ أم أنه في سبيلها يتحول كل إثم إلى ثواب .. و كل عقاب إلى تعزيز مجزٍ ! أهي ثمينة إلى هذا الحد ، إلى حد أن تحصد أرواح الشرفاء .. و تستقي من دماء الأنقياء .. و تنعم بكلمات الحق من فمِ صنديد لا يهاب خناجر الغدر و سهام الإغتيال . في صفحاتها أسماء موسومة بأسمى الصفا...

نداءات الوطن .

هناك بعض الأمور التي تحدث بداخلي .. بدأت أدركها و لكنني ما زلت عاجزة عن تفسير الكثير منها ! تحاصرني غرابة التفاصيل من كل جهة محاوِلةً إخضاعي ، فأقترب من الإستسلام لها ..  حتى يفضّ فقاعة الزمان إبرة واقعٍ يأبى أن يُغيَّب من على المشهد بالمطلق . كأن أسراب من البعيد تناديني لتنتشلني من مقبرة الفراق فيتبعثر معها كياني و تضيع الأحرف في الكلمات ، و الكلمات في الجُمَل .. بلا جدوى ! يبدو الأمر عجيباً لدرجة لا تُصَدق و لكنه حافلٌ بالمشاعرِ المحتشدةِ التي استنفدت دفاعات قلبي و شرعت بالتدافع للظهور .. من أجل نور .. من أجل ذكرى .. من أجل نداءات الوطن هل يعقل ؟ رسائلٌ في كل مكان .. و في أحيانٍ تتحطم في إثرها أصنام التوقعات .. تفاجئني بنسماتٍ تميزها حواسي جيداً فيخلد العقل في سباتٍ من التأمل ، يغيب معه التواصل إلى أبعد مدى ، و تتبدَّل جُغرافيتي و تاريخي ، و يستوي عندها واقعي و خيالي ، و تبدأ حجرات الفؤاد المختزن في أعماقي بالعمل كما لم تعمل من قبل .. فتنتفي شهيتي لمواجهة الحقائق و التفاسير و الإجابات الصريحة ، و يبقى الشغف باستمرار تلك اللحظة العابرة عمراً بأكمله .. لأبقى أسيرة جنونها و سكونها و...