المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2022

رسالة إلى وطني .. قد لا تصل !

  تأسرني تلك التفاصيل الصغيرة التي تحتضنها بحميمية بالغة، تلك التفاصيل التي قد تكون غير مرئية للغير ولكنها لي الحياة بما فيها.. أغوص فيها وأعيشها. كيف تعصف بي أفواج الذكريات لمجرد رائحة، نسمة هواء، نكهة، مشهد، رداء، كلمة ! كلها عناصر لا تعني شيئاً للكثير ممن يعيشون معنا، ولكنها كافية لتغرقني بوابل من المشاعر الغزيرة، مشاعر شوق وشجن، حب وأمل وكل ما هو ... لا أعلم ! في كل مرة أُسحر بنفس الطريقة.. كل يوم تلاحقني أطيافك.. وكل ليلة تستلمني الذكريات وتربّت عليّ بلطف لتواسيني .. لتمنحني بصيص أمل ووعد بلقاء قريب.. لقاء يشفي قلبي الذي أنهكه البعد .. قلبي الذي يستنشق كل شيء تكون فيه ويراك في كل شيء ! كيف يمكن أن يتغير طعم الأكل ؟ كيف يمكن أن تتغير رائحة الهواء ؟ كيف يعقل أن تتبدل الأشياء غير الأشياء في حضرتك ؟ كل شيء بداخلك مميز وكل ما هو خارجك بلا ميزة .. هل هو حقيقي أم من اختلاق عقلي ؟ هل تفرض عليّ الغربة قواعداً كونية تختلف عن تلك التي تسري على بقية البشر ؟ هل تسللت الغربة إلى أعماقي وأخمدتني لتحييني قطعة حلوى اعتدت أن أسلتذ بها وأنا أتأمل سماءك ؟ لهذه الدرجة من العمق .. بهذه الكمية من ال...

إن للعدالة ألواناً

 عندما امتزج الأصفر بالأزرق انفجر الكون تعاطفاً، طوفان من الدموع الكرتونية انطلق مكتسحاً الأرجاء، وعن أرض شرقية مقدسة تنزف كل يومٍ دماً أحمراً أشاحت الأعين وتنازلت القلوب ! عن أسوَد يعيش في أرض بيضاء ثار العالم في وجه السلطة، وعن آلاف السود في أرض السمر عميت الأبصار وصمتت الحناجر، يصرخون : "حياة السود مهمة!" ماذا عن حياة البقية ؟ أليست بذات الأهمية ؟ أليس للكل أحقية متماثلة في الحياة ؟ ماذا عن الهنود الحمر مثلاً ؟ ماذا عن العربي الأسمر ؟ ماذا عن الهندي الموحِّد ؟ تتغاضون عن كل أولئك وتتباهون بعدالة قضيتكم .. أين العدالة في انتقائية تطبيقها ؟ أين العدالة في تحديد جغرافيتها ؟ أين العدالة في حصر مسمياتها ؟ ووسط كل هذه الصيحات الضائعة تضيع حقوق وحقوق كل يوم . لا عذراً على قساوة الخطاب فما تأتوتنه أشدّ قسوة وسوءاً .

الوهم هو الحياة !

غارقة في الوهم لأعمق نقطة .. لأبعد حد ! كلما حاولت استعادة شيء من اتصالي بواقعي أعود للغرق فيه من جديد بكل جوارحي، وتسألني عنه .. هو الداء والدواء معاً .. هو القمة والقاع سوية .. هو كمخدر ما إن يسري في الجسد حتى تنتشي معه دواخلي ثم ترتخي لتوقعني في شباك إدمانه بلا خلاص ! بدأ الأمر بتسلله خفية إلى داخلي، حتى هيمن على كياني وتشرّبه قلبي . لا أريد إبعاده ولا يريد الفكاك مني .. ولكن ! أليس هذا الواقع الذي أتهرب منه هو الحقيقة التي تستوجب المواجهة، أليس البقاء هارباً هو جُبن لا ترجى عواقبه ؟ أليس هذا الواقع هو تجسيد للرتابة والسواد والنوائب والواجبات والإنهاك ؟ ألسنا نحاول التماس بذرة من أمل من ذلك السراب الزاهي بداخلنا حتى نحيي ما تبقى من أرواحنا ؟ ألسنا نجد ما بحثنا عنه سنيناً في الواقع على طبق من ذهب في الخيال ؟ وما إن نعود لواقعنا .. نعود للبحث والتخبط من جديد ! في أيهما نعيش ؟ وهل الموازنة خيار ممكن الوصول إليه ؟ أريد لحقيقتي أن تتشبع بأوهامي .. وأريد لأوهامي أن ترتدي ثوب الحقيقة .. وأريد أن أكون أنا .. و"أنا" تريدني أن أكون هي ! أصارع رغباتي وتصارعني، أحاول خفض سقفها وإخضاعه...

تساؤلات قلبية

 عجيب .. إننا لا نصدُق مع من نحب إلا عندما نحسّ بقرب فقداننا لهم ! عندما نقترب من الرحيل تصبح كل المشاعر صادقة وتطلّ علينا تلك الحقيقة التي لطالما أسدلنا عليها حجاباً غليظاً يحجبها عن كل الكائنات .. لكن لماذا نفعل كل ذلك بأنفسنا ؟ لماذا أصدق المشاعر تلك التي تبين عند الوداع ؟ لماذا أصدق الكلمات تلك التي تقال بجوار الجنائز ؟ لماذا تختبئ الدموع دهراً وتظهر في تلك المواطن فقط ؟ هل الامر حقاً بهذه الصعوبة ؟ أم أن الأمر مرهون كلياً بنزعاتنا المشوهة من حصاد تلك الروادع الإجتماعية التي زُرعت بداخلنا عنوة منذ نعومة أظافرنا وصِبا قلوبنا ؟ هل نخشى على قلوبنا من الإنتهاك حقاً ؟ أم نخشى من تعرية مشاعرنا أمام الآخرين حتى لا نُصفَع بريح العار بعد ذلك ؟ هل الأمر أبسط مما نظن ؟ أم أن أذهاننا ترسم ألف مشهد ومشهد مجازي لتكسو الأمر ثوباً من العسر الذي لا يطاق . المشاعر يا فتى لا تستحق الرجم .. لا تستحق الطمر .. لا تستحق الطمس بالتغافل .. لأن فيها حقيقتنا وكيان أرواحنا، والتنطع في التأجيل يسلبها الحياة شيئاً فشيئاً حتى تموت ليحيا مكانها شبح لا يشبهك، شبح ينتحل جسدك ويستولي على قسمات وجهك .. شبح بلا مش...