المشاركات

عرض المشاركات من 2024

بين البداية والنهاية، سجن!

 لا شيء .. وكلُّ الأشياء في اللاشيء من الأساس. هاقَد التهمني جُبٌّ سحيق مظلم، سقطتُ وما كانت أي سقطة، سقطت حتى نسيتُ ماهيّة الخطوات، وشُلّتْ أقدامي، عجِزتُ عن استعادةِ خطوَتي الأولى، أو حتى لهفتي إليها وإلى المسير، لم يَعُد يعنيني الطريق ولا الرحلة، لا الأمام ولا الخلف، لا شَيء .. وكلُّ الأشياءِ في اللّاشيء! تنفسَّت حرارة البيْن بين ضُلوعي، وددتُ لو أُطلِقُ صرخةً أفرِجُ بها عن كلِّ حرائقي، ولكن لا شيء سِوى غَمامة الصمتِ الرهيب تَبتلعُني إلى أعمقِ نقطة، كلما رَاودَتني خاطرةُ الهروبِ عن نفسي. ولكنني في تلك الليلة فقط علمتُ أنّ السجنَ ليس في الجدرانِ، ولا في القضبانِ، بل هو في اللحظةِ التي يُطلَقُ عليكَ فيها لفظَ السّجين، فتصير أنتَ "السجين" في عقلِكَ ومُخيّلتك، وفي عقولِ الآخرين، الآخرين الذين يدفنونَك في جحيمِ زَنازينِهم بعد أن كنتَ مدفونًا من قبل في جحيمِ مودتهم الحُرّة. لم يكُن الأمرُ مرتبطًا بالمادةِ أكثر مِن ارتباطهِ بالدواخلِ المُظلمة، فما الفرقُ إذًا بينَ غُرفةٍ في سجنٍ وغُرفة في بيتٍ يَعيشُ صاحبُهُ وَفِكرةُ السجينِ تَتغذَّى مِن خَلايَا دِمَاغه، وتَعيشُ القُضبانُ فِي مِر...

تساؤلات: الأمان

 ما هو الأمان إن احترفت المشاعرُ التواريَ والإحتماء؟ ما هو إن أخمد التخوّف من الإفشاء لهيبها وأشعل لوعتها؟ ما هو إن اكتست وحدة على وحشة؟ أم أنّ الأمان هو مسمىً وظيفي مختزلةٌ قيمته في كونه (مسمىً) وفقط، دون أيّ وظيفة تُذكر أو عمل. إذا ما كان يكمن منبعه في بواطن الروح، فلِمَ يهلك الإنسان نفسه في تقصّي أثره في الآخرين؟ ألم يكونوا شيئاً من الجحيم الدنيوي؟ كلما تنفس المرء في هذه الحياة فهو محكوم بالتمرّغ في أوحالهم المنتنة كل يوم وليلة، ليس الفيلسوف من قالها بالمناسبة، بل كانت نفسه البشرية التي نملك منها بين جنبينا. هل كبرنا إلى الحد الذي توقفنا فيه عن البحث عن الأمان ورضينا بالتفاوض مع الخطر حتى النفس الأخير؟ لم تضحي الحياة غاية أو جزءًا من غاية بأي شكل من الأشكال بعد الآن، وتوقف الأمل عن كونه رحيقاً، ليصبح ماء، مع أولويته يظل متواضع المزايا، ليس سحرياً يعني! حتى هذه النقطة، توقفت التساؤلات عن ملاحقة الأجوبة، اختارت لمرّة أن تستقلّ بمرارة نقصها، وأن تستغني عن نصفٍ يمنحها نهاية لطريقها، حتى هي لم تعد تقوى على السير، تخلّت عن حلّة تتوّجت باستفهامها، واختارت ثوباً من اللاشيء مرصعاً بإنتفا...

في اللغة..

  أليس غريباً؟ أنه حين يحلم المرء، تستيقظ اللغة لتسعفه وتحكم قبضتها على الذاكرة، أما عندما يتوقف عن الحلم تجاهد حتى تُنشِئ حلماً.. نفَس أخيرٌ لها للنجاة. اللغة في حد ذاتها مدمنةٌ للصمود متمنعةٌ عن السقوط، ولكن نصيب الإنسان منها يقوى ويهزل، الأمر مرهون بقلبهِ.. بأحلامهِ. هل اللغة تروينا أم تعلمنا الإرتواء بأنفسنا؟ هي وسيلة.. نعم، ولكن هل يمكن أن تضحي غاية؟ ما معنى أن تمنحنا شعورًا لحظياً أو قائماً بالرضا، تهدينا نقاط ترقية بشرية أحيانًا، وتقف منتصبة دون أن تتأثر، مهما ظننا فنحن لا نضفي لها شيئاً، بل كل الإضافات نحوزها منها منفردين، لأنها تحب تمثيل التكامل في أبهى حلله. هل تستوي اللغة مع القلم أو لوحة المفاتيح لدى الكاتب؟ ما الذي يحيطها بهالة القداسة تلك؟ أرى جواباً مختبئًا في قعر السؤال، أُفضِّل أن لا أوقظه، دعنا نلعب باللغة قليلاً، ولكن ألن تصيبنا لعنة العبث؟ أم أنها ستسخط  كما تفعل أمٌّ مع إبنٍ عاق؟ ولكنني أخاف أن أجرحها.. فهل تُجرَح اللغة؟  إنما ذاك امتياز حازه جمع من الشعراء، تفرّدوا باللعب برشاقة على أوتار اللغة فأجادوا، وليس الكل مخول بذلك. حسنٌ، لن ألعب باللغة.. سأخ...