صرخة
صرخت منادية اياه : " يا بني ، لا تنسى أن تشرب الكثير من الماء ، لقد وضعت لك شطيرة في الجيب الأصغر من الحقيبة ، إلى اللقاء" ودعته بعد أن طبعت على جبينه قبلة متناهية الرقة و الحب و الفخر بصغيرها الذي سيخطو أول خطوة بمفرده إلى طريق العلم و الدراسة ، ودعته و لم تكن تعلم ماهية وداعها ، و لم تشعر بأي معنى آخر لهذا الوداع سوى أنه باعث للسرور في نفسها ، و مضت تهنئ نفسها على نجاحٍ آخر مستحقٍ في اختبار أمومتها ، فقد أرسلت ابنها الوحيد إلى مقاعد الدراسة ليلتحق ببقية الأطفال من بني سنه ، و لتحظى نحلتها الصغيرة برشفة من رحيق المعرفة ، هذا ما خالته على الأقل .. فالقدر لا يسأل عن دواخلنا و لا يمضي بها ، القدر مكتوب لنا على نحو لا نتوقعه و لا نستطيع تخمينه .. و هذا هو ضعفنا الكبير و عجزنا الأكبر . و بعد سويعات من الشوق ، اكتمل تجهيز غداء أول يوم دراسي و الذي حضرته بشغف و هي تنتظر أن يطرق الباب في أي لحظة ، ذلك الطفل الضئيل الذي لا تصل يداه إلى الجرس ، و لكنه تأخر كثيراً .. انتظرت .. لربما واجهوا مشكلة في الحافلة ، لربما تم اضافة حصة دراسية أخرى إلى الجدول المدرسي ، بدأ قلبها يخفق بسرعة ، و ب...